حركة الهمة والفراغ السياسي
الأربعاء, مارس 19, 2008
ربما هو من الصعب -وفي إطار الموضوعية نفسها- الحديث عن التحركات السياسية الأخيرة لفؤاد عالي الهمة، الرجل النافذ في مراكز قرار السلطة والشخصية الأبرز في عهد الملك محمد السادس، والفصل بينها والسؤال عن مدى رغبة وإرادة النظام في التدخل في الحياة السياسية والحزبية وحجم الوسائل والأساليب الممكنة التي يوفرها لهذا الغرض. وهذا الربط في تناول حدث وصفته المبادرة التي أسفرت عنها هذه التحركات بـ “الفعل التاريخي” قد لا يكون بالضرورة إضمارا لسوء نية أو إلصاقا لأحكام جاهزة مبنية على خلفيات سياسية معينة وإنما يمكن إعتباره مجرد فرضية بديهية مستقاة من تجارب تاريخية بدأت بنفس المعطيات العريضة وبسيناريوهات متقاربة.
قراءات عديدة ومختلفة رافقت الإعلان عن تأسيس جمعية “حركة لكل الديمقراطيين” وكان الغالب منها يطبعه التوجس والخوف من المبادرة على ما يُعتقد أنه “مكتسبات” ديمقراطية، وكان لسان حال الكثيرين يقول: ما أشبه اليوم بالأمس، وما الحركة إلا تكرار سخيف وممل لمسرحيات مخزنية رعتها السلطة.
شخصيا سأحاول تفادي إصدار أي حكم على المبادرة وإن كانت قد تخفي خلفها “إن” والكثير مما قد يقال، كما أني لا أريد أن أبدوا مطبلا أو مزمرا ولا حتى مباركا لها، لكنني أرى أنه بدلا من المبالغة في إمطارها بالإنتقادات والأحكام المسبقة حري بنا محاولة إعادة قراءة السياق الذي جاءت فيه مهما كانت درجة فبركته.
ما يرد من معطيات متوفرة في المشهد السياسي قبل وبعد الإنتخابات الماضية يضع المبادرة محط الإهتمام والإتهام معا في شخص مؤسسها الأول الهمة، خاصة مع اللغز الذي صاحب استقالته من منصبه والذي لا يزال يثير موجة من هستيريا هرش الرؤوس في أوساط النخبة السياسية، وكذلك باستحضار مراطونية ما رآى الكثيرون على أنه “فبركة” و”هندسة” من طرازين عاليين صاحبا تشكيل حكومة بمقاسات معينة لفرش البساط لما هو آت، إضافة إلى الفوز الساحق الذي حظي به الهمة في الإنتخابات وتشكيله لتكتل قوي داخل قبة البرلمان وبالتالي وبقدرة قادر أصبح الدينامو المحوري لأبرز الأنشطة داخل هذه المؤسسة والرجل السياسي صاحب القميص رقم عشرة في اللعبة السياسية بالمغرب.
هذه اللعبة،وهي بيت القصيد، تحولت إلى شيء ميؤوس منه بغلبة العبث والميوعة ولإفتقارها لأبسط القواعد التي ينبني عليها العمل السياسي الجاد والترسيخ القوي للمفهوم الحقيقي للديمقراطية اللذان فقدا بريقيهما قبل أن يكتسباه بسبب الأحزاب التي أصبح مجرد ذكر إسمها للمواطن البسيط مدعاة للقرف والغثيان والتي ساد فيها الضحالة والريع السياسيين وثقافة العائلات والشركات وغاب الموقف الذي هو الرأسمال لكل عمل سياسي، مما يجعل عقد الآمال على المشهد الحزبي ضربا من المستحيل بعدما أن تخلى فيه الساسة بعثاتهم التاريخيين وبطوابيرهم العاشرة والعشرون عن مطالب وأولويات الشعب وأغرموا بالكراسي الناعمة وهيلمان المناصب.
أين هو إذا هذا الفاعل السياسي الذي يمكنه أن يبعث الثقة في العمل الحزبي والديمقراطي، أين هو الموقف السياسي وأين هي المؤسسات السياسية وأين هي القرارات الحقيقية الصادرة من أصحاب قرار سياسيين مستقلين وليس من مجرد بيادق في رقعة شطرنج؟ !.
أظن أنه بوجود صورة باهتة كهاته لا أستطيع وضع حركة جديدة وفتية في قفص الإتهام مادامت تمثل الأمل في أن تكون حجرا يلقى به في ماء السياسة المغربية الراكد ويُترك بعدها الحكم للتاريخ وحده.
صحيح أنه لا يمكن لمبادرة جاءت من رحم السلطة ممسكة بصولجان المخزن، ومهما كانت تسميتها، أن تكون في صالح انتقال ديمقراطي حقيقي لأنها بهكذا لا تحترم أول مبادئه الرئيسة وبل تقر العكس بتكريس تداخل السلط بدلا من الفصل بينها. ولكن أيضا أليس الرمد خير من العمى على كل حال، وما سمعنا من المبادرة ومن الهمة نفسه، ولسخرية القدر، كأحاديثه عن إنقضاء عهد انتظار التعليمات من الملك وبوجود مؤسسات ضعيفة والحاجة إلى تعديل الدستور المغربي من أجل توزيع السلط يبعث بالإرتياح وهو ما حري بعديد من أحزابنا المطالبة به وإلصاقه كيافطات فوق أبواب مقاراتها الرئيسية.
السياسة كالطبيعة لا تقبل بالفراغ، وبالفعل كان هناك فراغ وجب ملؤه، وحركة الهمة كانت المبادر الأول، وبشيء من الصراحة يجب الإعتراف بأن المغرب الأن وفي هذه المرحلة بالضبط ليس في موقف يسمح بنصب محكمة تدين هذا أو تبرئ ذاك أو ندور بأسئلة ومرافعات لا حصر لها في حلقة مفرغة قاصدين بها كمالا ديمقراطيا وإنما هو أمام وضع سياسي فقدت زمامه الأحزاب وتلقفته المبادرة التي يبدوا أن لها الجرأة على الأقل بأن تطرح أسئلة جوهرية يفضل البعض البكم على أن يتلفظ بها.. وإلا…
قراءات عديدة ومختلفة رافقت الإعلان عن تأسيس جمعية “حركة لكل الديمقراطيين” وكان الغالب منها يطبعه التوجس والخوف من المبادرة على ما يُعتقد أنه “مكتسبات” ديمقراطية، وكان لسان حال الكثيرين يقول: ما أشبه اليوم بالأمس، وما الحركة إلا تكرار سخيف وممل لمسرحيات مخزنية رعتها السلطة.
شخصيا سأحاول تفادي إصدار أي حكم على المبادرة وإن كانت قد تخفي خلفها “إن” والكثير مما قد يقال، كما أني لا أريد أن أبدوا مطبلا أو مزمرا ولا حتى مباركا لها، لكنني أرى أنه بدلا من المبالغة في إمطارها بالإنتقادات والأحكام المسبقة حري بنا محاولة إعادة قراءة السياق الذي جاءت فيه مهما كانت درجة فبركته.
ما يرد من معطيات متوفرة في المشهد السياسي قبل وبعد الإنتخابات الماضية يضع المبادرة محط الإهتمام والإتهام معا في شخص مؤسسها الأول الهمة، خاصة مع اللغز الذي صاحب استقالته من منصبه والذي لا يزال يثير موجة من هستيريا هرش الرؤوس في أوساط النخبة السياسية، وكذلك باستحضار مراطونية ما رآى الكثيرون على أنه “فبركة” و”هندسة” من طرازين عاليين صاحبا تشكيل حكومة بمقاسات معينة لفرش البساط لما هو آت، إضافة إلى الفوز الساحق الذي حظي به الهمة في الإنتخابات وتشكيله لتكتل قوي داخل قبة البرلمان وبالتالي وبقدرة قادر أصبح الدينامو المحوري لأبرز الأنشطة داخل هذه المؤسسة والرجل السياسي صاحب القميص رقم عشرة في اللعبة السياسية بالمغرب.
هذه اللعبة،وهي بيت القصيد، تحولت إلى شيء ميؤوس منه بغلبة العبث والميوعة ولإفتقارها لأبسط القواعد التي ينبني عليها العمل السياسي الجاد والترسيخ القوي للمفهوم الحقيقي للديمقراطية اللذان فقدا بريقيهما قبل أن يكتسباه بسبب الأحزاب التي أصبح مجرد ذكر إسمها للمواطن البسيط مدعاة للقرف والغثيان والتي ساد فيها الضحالة والريع السياسيين وثقافة العائلات والشركات وغاب الموقف الذي هو الرأسمال لكل عمل سياسي، مما يجعل عقد الآمال على المشهد الحزبي ضربا من المستحيل بعدما أن تخلى فيه الساسة بعثاتهم التاريخيين وبطوابيرهم العاشرة والعشرون عن مطالب وأولويات الشعب وأغرموا بالكراسي الناعمة وهيلمان المناصب.
أين هو إذا هذا الفاعل السياسي الذي يمكنه أن يبعث الثقة في العمل الحزبي والديمقراطي، أين هو الموقف السياسي وأين هي المؤسسات السياسية وأين هي القرارات الحقيقية الصادرة من أصحاب قرار سياسيين مستقلين وليس من مجرد بيادق في رقعة شطرنج؟ !.
أظن أنه بوجود صورة باهتة كهاته لا أستطيع وضع حركة جديدة وفتية في قفص الإتهام مادامت تمثل الأمل في أن تكون حجرا يلقى به في ماء السياسة المغربية الراكد ويُترك بعدها الحكم للتاريخ وحده.
صحيح أنه لا يمكن لمبادرة جاءت من رحم السلطة ممسكة بصولجان المخزن، ومهما كانت تسميتها، أن تكون في صالح انتقال ديمقراطي حقيقي لأنها بهكذا لا تحترم أول مبادئه الرئيسة وبل تقر العكس بتكريس تداخل السلط بدلا من الفصل بينها. ولكن أيضا أليس الرمد خير من العمى على كل حال، وما سمعنا من المبادرة ومن الهمة نفسه، ولسخرية القدر، كأحاديثه عن إنقضاء عهد انتظار التعليمات من الملك وبوجود مؤسسات ضعيفة والحاجة إلى تعديل الدستور المغربي من أجل توزيع السلط يبعث بالإرتياح وهو ما حري بعديد من أحزابنا المطالبة به وإلصاقه كيافطات فوق أبواب مقاراتها الرئيسية.
السياسة كالطبيعة لا تقبل بالفراغ، وبالفعل كان هناك فراغ وجب ملؤه، وحركة الهمة كانت المبادر الأول، وبشيء من الصراحة يجب الإعتراف بأن المغرب الأن وفي هذه المرحلة بالضبط ليس في موقف يسمح بنصب محكمة تدين هذا أو تبرئ ذاك أو ندور بأسئلة ومرافعات لا حصر لها في حلقة مفرغة قاصدين بها كمالا ديمقراطيا وإنما هو أمام وضع سياسي فقدت زمامه الأحزاب وتلقفته المبادرة التي يبدوا أن لها الجرأة على الأقل بأن تطرح أسئلة جوهرية يفضل البعض البكم على أن يتلفظ بها.. وإلا…
0 تعليقات