يوميات مدون 2
الأحد, سبتمبر 04, 2011بدأت أعتاد تصفح المدونات وأكتشف أنها أكثر إمتاعا وحميمية من غيرها من المواقع، أقل رسمية من المواقع الإخبارية وأكثر نضجا من بهلوانيات بعض المنتديات رغم أنها لم تسلم بدورها من سلبيات وتفاهات مستعمل الإنترنت العربي.
ميزة المدونات عكس المواقع الإخبارية أنها توفر مساحة نقاش مباشرة مع صاحب الموضوع (المدون) عن كل إدراج يطرحه، لكن هذه الميزة تتحول في الغالب إلى مكمن الداء، على هذه المساحة التي تسمى التعليقات يمكن للباحث اكتشاف حقلا خصبا لدراسة عميقة عن جانب من سيكولوجية الفرد العربي، فبدلا من أن تكون منبرا لطرح الآراء وتلاقح الأفكار، يحولها الكثيرون إلى سوق تتعالى فيه الأصوات والعويل والنعيق والسباب والشتم!.. جزء من مشهد اسكزوفريني عربي عام.
انتهت الحرب في لبنان لتلقي بضلالها على الداخل، هي حرب بين مشروعين أكثر منه من حرب سيادة بين كيانين، هكذا علق أحد المدونين بمقال له على مدونته، وصف الأمر على أنه جذوة لصراع بين جبهة إيرانية-سورية من جهة وجبهة صهيو أمريكية من جهة أخرى، وجهة نظر باتت من المسلمات، وجدت مقاله متزنا إلى حد ما رغم أنه ينئى بنفسه عن تبني موقف من المقاومة، فهو يحاول إذن أن يمسك العصا من الوسط. في المقال تحميل واضح للمسؤولية للنظام السوري وحزب الله في التدخل الإيراني بالمنطقة إضافة إلى انتقاده للموقف العربي “المعتدل” الهش اتجاه الأحداث، المقال كما لو أنه نبش عشا للدبابير، لم يسلم الإدراج ولا المدونة ولا حتى صاحبها من أقدح الألقاب والتسميات رغم موقفه الواضح من العدو الإسرائيلي والمشروع الأمريكي، لكن ذلك لم يشفع للمسكين. أبيض أو أسود، معنا أو ضدنا، هذه هي العقلية العربية، وبما أن صاحبنا حاول رأيا وسطا في تدوينته وجد نفسه أما سهام الطرفين وبلا رحيم.
جون بولتون يصرح لوسائل الإعلام “لا أظن أننا سندخل في فترة جديدة اسمها شرق أوسط جديد بسبب الحرب الأخيرة لحزب الله مع اسرائيل”، ما يؤكد بشكل صريح أن المقاومة حققت فعلا نجاحا ساحقا في الحرب، أو على الأقل دعت لإعادة النظر في الصورة الكاريكاتورية التي اعتادها الغرب عن لعرب.
وضعت الحرب أوزارها لتفسح المجال للجدل والبوليميك السياسيين، بات الكل يحترف الحديث والتحليل في السياسة الداخلية للبنان، كما لو أن الجميع أرسى الديمقراطية في بلده وقضى فيها على مظاهر الفقر والقمع والفساد التي تنخر أعمدتها وتفرغ للإنخراط في مراطون القذف والشتائم بين فريقي 8و14 آذار. أصبح المواطن اللبناني أكثر اقتناعا من غيره أن مصير سياسات بلده باتت رهينة مطابخ البيت الأبيض ودول الجوار، لذلك قد تتقبل من مدون سوري أو سعودي مثلا يفرض حيزا مهما من مدونته للحديث عن الأوضاع بلبنان لإعتبارات سياسية وجيوستراتيجية معروفة ولإرتباط السياسة الخارجية لبلده بما يقع بالداخل اللبناني، لكن ماهو عصي عن الفهم هو كيف تجد مدونين من المغرب مثلا يسهبون ويبالغون في تحليل تجاذبات السياسة اللبنانية والمشرقية، والأغرب أن هناك من يتحدث بالتفصيل الممل على موالاة ومعارضة لبنان، عن 8 و14 آذار، عن اغتيال الحريري،عن مقاومة نصر الله، عن عودة ميشيل عون، عن الإفراج عن جعجع، عن جولات وصولات جنبلاط…، بينما أستطيع المراهنة بـ 1000 درهم إن كان بعضهم يعرف التشكيلة الكاملة لحكومة جطو أو يفرق بين أحزاب الحكومة أو المعارضة المغربية.
رابط ذات صلة: يوميات مدون 1
0 تعليقات