في عدد هذا الأسبوع قرأت لقيدوم الصحفيين مصطفى العلوي مقالا عن أصدقاء ومستشاري الملك، مضمون المقال ذكرني بقصة للخليفة العباسي هارون الرشيد مع خليله وذراعه الأيمن وسيفه المسلط جعفر البرمكي.
كان الخليفة العباسي في نزهة مع زوج إبنه المأمون في إحدى بساتينه (ضيعاته)، فاشتهى ثمرة تفاح دانية من إحدى الأشجار لزوجة إبنه فلم يكد يبلغها فانحنى له جعفر البرمكي وطلب من الخليفة أن يقف على كتفه ويقطف التفاحة، إلا أن طول الخليفة لم يشفع له رغم محاولته بلوغها فنزل من على كتف وزيره وبدآ يفكران في طريقة أخرى لقطفها فلم يجد الخليفة حلا غير أن يصعد جعفر البرمكي على كتف أحدهم لقطف التفاحة، فلم يكن غير كتف الخليفة هارون الرشيد. ركب جعفر فوق كتف الخليفة وقطف الثمرة، بعد لحظة جاء بستاني الخليفة مهرولا يحيي هارون الرشيد فلم يتعرف عليه وقال له: من أنت؟
قال البستاني: أنا القائم على بستانك يامولاي.
قال الخليفة: ما خطبك.
أجاب البستاني: لدي طلب من مولاي.
فسمح له الخليفة بأن يدلي بطلبه، فكان مراد البستاني أن يختم له الخليفة على كتاب بيده بأن البستاني براء من أهله البرامكة وأنه منذ ذلك اليوم لم يعد منهم. فوافق الخليفة على طلبه الذي بدا له غريبا.
مرت الأيام والسنوات فأمر الخليفة بقطع رأس وزيره "المخلص" جعفر البرمكي والقضاء على كل برمكي في ما يشبه الإبادة الجماعية في ما يسمى بنكبة البرامكة، فكان جند السلطان يترصدون كل برمكي فيقومون بقتله، فلما جاء دور البستاني وألقي عليه القبض، طلب في إصرار مقابلة الخليفة فلم يأبه له الجند في انتظار إعدامه، بلغ الأمر هارون الرشيد فأمرهم بالإتيان به، فلما وقف البستاني بين يدي الخليفة العباسي أخرج الكتاب (الورقة أو الرق) الموقع بيد هارون الرشيد فقال له: هذا ما كنت عاهدتني به يا خليفة المسلمين. فتذكر هارون ذلك اليوم فسأل البستاني عن السبب الذي دفعه كي يطلب ذلك الطلب الغريب حينها، فأجاب البستاني: حينما رأيت جعفر البرمكي صعد فوق كتفك علمت أن نهايته ونهاية أهله معه إقتربت، فما من ملك حر وقد حاول أحد الصعود فوق ظهره إلا وكانت بداية نهايته.
ملاحظة: القصة حقيقية وبتصرف مني.